أثار قرار وزير الاتصالات الأسبق حسن الراشد بتسليم مشروع تجهيز خدمة الإنترنت في العراق إلى شركة سيمفوني إيرثلنك جدلاً واسعاً بين المتابعين والمهتمين بالشأن العام، خاصة مع تضارب الأرقام والوقائع المرتبطة بهذا المشروع الضخم.
عقد بمليارات لشركة محدودة رأس المال
بحسب الوثائق، فإن رأس مال شركة سيمفوني إيرثلنك لا يتجاوز 300 مليون دينار، في حين بلغت قيمة العقد المبرم معها حوالي 129 مليون دولار، أي ما يقارب 140 مليار دينار عراقي.
وهنا يطرح تساؤل منطقي:
هل من المعقول أن يُسلَّم مشروع استراتيجي بهذا الحجم لشركة لا يتناسب رأسمالها حتى مع جزء بسيط من حجم العقد؟
للتوضيح أكثر: الأمر أشبه بإسناد بناء مدرسة تكلفتها 100 مليون دينار إلى مقاول كل ما يملكه مليون دينار فقط.
غياب الشفافية والإجراءات الأصولية
الأغرب أن بعض الإجراءات الرسمية في هذا الملف تمت اعتماداً على أوراق بخط اليد من موظفين تؤيد صرف مبالغ ضخمة، وهو ما يثير علامات استفهام حول معايير الرقابة والشفافية في إدارة المشروع.
كما أن الشركة – وبحسب المتابعين – لم تمتلك في حينها حتى حساباً مصرفياً لإجراء التحويلات بشكل رسمي، بل كانت الأموال تستلم بطريقة أشبه بآليات دفع غير رسمية وغير آمنة، أقرب إلى تعاملات “الخاطفين أو طالبي الفدية” كما وصفها البعض.
شركة بلا موقع إلكتروني!
ومن المفارقات الأخرى أن شركة يُفترض أن تدير خدمة الإنترنت في عموم العراق لم تكن تمتلك موقعاً إلكترونياً يعرّف بخدماتها أو يوفر قنوات للتواصل مع المواطنين، وهو ما يثير مزيداً من الشكوك حول مدى أهليتها لتنفيذ مشروع وطني بهذه الضخامة.
بين الواقع والتساؤلات
إن ما جرى مع عقد إيرثلنك لا يمكن اعتباره ملفاً فنياً بحتاً، بل هو قضية رأي عام تمسّ حق المواطنين في خدمة إنترنت عادلة وشفافة، وتمسّ في الوقت ذاته نزاهة إدارة المال العام.
فهل كان المشروع خطوة مدروسة ضمن رؤية استراتيجية؟
أم أنه مجرد حلقة من حلقات استنزاف أموال الدولة؟
الإجابة ما زالت غائبة، لكن المؤكد أن مثل هذه العقود تحتاج إلى كشف تفصيلي، ومحاسبة شفافة، تضع مصلحة العراق والمواطن فوق أي اعتبار.